فصل: الباب العشرون : فيما أوله فاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأمثال **


2726- فَرِّقَ بين مَعْدٍّ تَحَابَّ

قَال الأَصمَعي‏:‏ يقول‏:‏ إن ذوي القَرابَة إذا تراخت ديارهم كان أحْرَى أن يتحابوا وإذا تدانوا تحاسدوا وتباغضوا‏.‏

وكتب عمر رضي الله تعالى عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه‏:‏ أنْ مُرْ ذَوِي القربى أن يَتَزَاوَروا ولا يتجاوروا ‏[‏ص 69‏]‏

2727- في رَأْسِهِ خُطَّةٌ

الخطة‏:‏ الأمر العظيم‏.‏

يضرب لمن في نفسه حاجة قد عزم عليها والعامة تقول‏:‏ في رأسه خطية‏.‏

2728- في رَأْسِهِ نُعَرَةٌ

هي الذباب يدخل في أنف الحمار‏.‏ يضرب للطامح الذي لا يستقر على شَيء‏.‏

2729- في وَجْهِ المَالِ تَعْرِفُ إمْرَتَهُ

أي نَماءه وخيَره، يُقَال‏:‏ أَمِرَتْ أموالُ فلانٍ تَأمَرُ أمْراً، إذا نَمَتْ وَكَثُرَت وكُثُر خيرها‏.‏

يضرب لمن يُسْتَدَل بحسن ظاهره على حسن باطنه‏.‏

قلت‏:‏ قد أورد الجَوْهَري إمْرَتَهُ بسكون الميم، وكذلك هو في الديوان، وأورد الأزهري إمَّرَتَهُ بتشديد الميم، وكذلك أبو زيد وغيرهما، قَال الأزهري‏:‏ وبعضهم يقول أمْرَتَهُ من أَمِرَ المال أمْراً‏.‏

2730- فَتَلَ في ذُرْوَتِهِ

الذُّرْوَة‏:‏ أعلى السَّنام، وأعلى كل شَيء أصل فَتْلَ الذَّروة في البعير هو أن يَخْدَعه صاحبهُ ويتلطف له بفَتْل أعلى سَنامه حكّاً ليسكن إليه فيتسلقَ بالزمام عليه، قَاله أبو عبيدة ويروى عن ابن الزبير أنه حين سأل عائشة رضي الله عنها الخروجَ إلى البصرة أبَتْ عليه، فما زالَ يَفْتِلُ في الذُّرِوة والغَارب حتى أجابته‏.‏

الذروة والغَارِبُ واحد، ودخل ‏"‏في‏"‏ على معنى تصرف فيه بأن فَتَلَ بعضه دون بعض، فكأنه قيل‏:‏ فتل بعضَ ما في ذروته، قَال الأَصمَعي‏:‏ فَتَلَ في ذروته أي خَادَعَه حتى أزاله عن رأيه‏.‏

يضرب في الخداع والمماكرة

2731- أفْلَتَ فُلانٌ جُرَيْعَةَ الذَّقْنِ

أفلت‏:‏ يكون لازماً ويكون متعدياً، وهو هنا لازم، ونصب ‏"‏جريعة‏"‏ على الحال، كأنه قَال‏:‏ أفلت قاذفاً جريعة، وهو تصغير جُرْعَة، وهي كناية عما بقى من روحه يريد أن نفسه صارت في فيه وقريباً منه كقرب الجرعة من الذقن، قَال الهُذْلى‏:‏

نَجَا سَالِمٌ والنَّفسُ مِنْهُ بِشِدِقِه * ولم يَنْجُ إلا جَفْنَ سَيْفٍ وَمِئْزَرَا

قَال يونس‏:‏ أراد بجفن سيف ومئزر، وقَال الفراء نصبه على الاستثناء، كما تقول‏:‏ ذهب مال زيد وَحَشَمُه إلا سعداً وعبيدا، ويقولون‏:‏ أفلت بجُرَيْعةِ الذَّقن، وبجريعاء الذقن وفي رواية أبي زيد ‏"‏أفْلَتَني جُرَيْعَةَ الذَّقَنِ‏"‏ وأفلت على هذه الرواية يجوز أن ‏[‏ص 70‏]‏ يكون متعدياً، ومعناه خلصني ونجاني، ويجوز أن يكون لازماً، ومعناه تخلص ونجا مني، وأراد بأفْلَتَنِي أفلَتَ مني فحذف ‏"‏من ‏"‏ وأوصل الفعل، كقول امرئ القيس

وأفْلَتَهُنَّ عِلْبسَاءٌ جَرِيضَاً * وَلَوْ أدْرَكْتُهُ صَفِرَ الِوطَابُ

أراد أفلت منهن، أي من الخيل، وجريضا‏:‏ حال من علباء، ثم قَال ‏"‏ولو أدْرَكْنَه‏"‏ أي الخيل لصَفِرَ وطابه‏:‏ أي لمات، فهذا يدلّ على أن ‏"‏أفلتني‏"‏ معناه أفلت مني، وصغر ‏"‏جريعة‏"‏ تصغير تحقير وتقليل؛ لأن الجُرعة في الأصل اسمٌ للقليل مما يُتَجَرَّع كالحُسْوة والغُرْفة والقُدْحة وأشباهها، ومنه ‏"‏نَوقَ مجاريع‏"‏ أي قليلات اللبن، ونصب جريعة على الحال، وأضافها إلى الذقن، لأن حركة الذقن تدل على قرب زهوقَ الروح، والتقدير‏:‏ أفلتني مُشْرِفاً على الهلاك، ويجوز أن يكون جريعة بدلاً من الضمير في أفْلَتَني، أي أفلت جريعةَ ذقني، يعني باقي روحي، وتكون الألف واللام في ‏"‏الذقن‏"‏ بدلاً من الإضافة كقول الله عز وجل (‏ونهى النَّفْس عَن الهَوى‏)‏ أي عن هواها، وكقول الشاعر‏:‏

وآنُفُنَا بين اللَّحَى وَالحواجب*

ومن روى ‏"‏بجريعة الذقن‏"‏ فمعناه خَلَّصني مع جُرَيَعْة كما يُقَال‏:‏ اشترى الدار بآلاتها، مع آلاتها‏.‏

2732- أفْلَتَ وَلَهُ حُصَاصٌ

الحُصَاص‏:‏ الحبق، وفي الحديث ‏"‏إن الشيطان إذا سَمِعَ الأذانَ ولَّى وله حُصَاص كحُصَاصِ الحمار‏"‏

يضرب في ذكر الجَبَانِ إذا أفْلَتَ وهَرَبَ‏.‏

2733- أفْلَتَ وانْحَصَّ الذَّنَبُ

الانحصاصُ‏:‏ تَنَاثُر الشعر‏.‏

وهذا المثل يروى عن معاوية رضي الله عنه، أنه أرسل رجلاً من غسَّان إلى ملك الروم، وجعل له ثَلاثَ دِيَاتٍ أن ينادي بالأذان إذا دَخَلَ عليه، ففعل الغسَّاني ذلك وعند ملك الروم بَطَارقَتُهُ، فاهووا ليقتلوه، فنهاهم ملكهم وقَال‏:‏ كنت أظن أن لكم عُقُولاً، إنما أراد معاوية أن أقتل هذا غدراً وهو رسول، فيفعل مثل ذلك بكل مُستأمَنٍ ويَهْدِم كل كنيسة عنده فجهزَّه وأكرمه وردَّه، فلما رآه معاوية قَال‏:‏ أفْلَتَ وانْحَصَّ الذنب، فَقَال‏:‏ كلا إنه لبهلبه، ثم حدَّثه الحديثَ فَقَال معاوية‏:‏ لقد أصاب، ما أردتُ إلا الذي قَال‏.‏

وقوله ‏"‏ كلا إنه لبهلبه‏"‏ قَالوا‏:‏ أصله ‏[‏ص 71‏]‏ أن رجلاً أخذ بذَنَب بعيرٍ فأفلتَ البعيرُ وبقى شعر الذنب في يده، فقيل‏:‏ أفْلتَ وانْحَصَّ الذنب، أي تناثر شعر ذنبه، فهو يقول‏:‏ لم يتناثر شعرُذنبي، بل هو بحاله

2734- فَاهَا لِفِيكَ

قَال أبو عبيدة‏:‏ أصله أنه يريد جعل الله تعالى بفيك الأرض، كما يُقَال‏:‏ بِفِيكَ الحَجَر، وبفيك الأثلبُ، وقَال‏:‏ ومعناها الخيبة لك، وقَال غيره‏:‏ فَاها كناية عن الأرض، وفم الأرض التراب، لأنها به تشرَبُ الماء، فكأنه قَال‏:‏ بِفِيه التراب، ويقَال ‏"‏ها‏"‏ كناية عن الداهية، أي جعَلَ الله فَمَ الداهية ملازماً لفيك، ومعنى كلها الخيبة، وقَال رجل من بَلْهُجَيْمِ يخاطب ذئباً قصد ناقته‏:‏

فَقُلْتُ لهُ‏:‏ فَاهَا لِفِيْكَ؛ فَإنَّها * قَلوُصُ اُمْرئٍ قَارِيكَ ما أنْتَ حاذِرُهْ

يعني الرمي بالنبل

2735- أَفْوَاهُهَا مَجَاسُّها

أصله أن الإبل إذا أحسنت الأكلَ اكتفى الناظر بذلك عن معرفة سمنها، وكان فيه غنىً عن جَسِّها، وقَال أبو زيد‏:‏ أَحْنَاكُهَا مَجَاسُّها

2736- في الخَيْرِ لَهُ قَدَمٌ

يريدون أن له سابقَ في الخير، قَال حسان بن ثابت الأنصَاري رضي الله عنه‏:‏

لَنَا القَدَمُ الأولى إلَيْكَ وخَلْفُنا * لأولِنا في مِلَّةِ اللهِ تَابِعٌ

ويروى عن الحسن ومجاهد في قوله تعالى ‏(‏قَدَم صِدْقٍ‏)‏ يعني الأعمالَ الصالحةَ، وقَال مقاتل بن حيان في قوله تعالى (‏أن لهم قدم صدقَ عند ربهم‏)‏ القَدَم‏:‏ محمد صلى الله عليه وسلم يشفع لهم عند ربهم، قَال أبو زيد‏:‏ يُقَال ‏"‏رجل قَدَم‏"‏ إذا كان شُجَاعاً‏.‏

2737- أَفْضَيْتُ إليهِ بِشُقُورِي

إذا أخبرتَهُ بسرائرك، والإفضاء‏:‏ الخُرُوجُ إلى الفضاء، ودخل الباء للتعدية، أي أخرجت إليه شُقُوري، قَال أبو سعيد يُقَال‏:‏ شُقُور و شَقُور، ولاأعرف اشتقاقه مِمَّ أخَذَ وسألت عنه فلم يُعْرَف، قَال العجاج‏:‏

جَارِي لا تَسْتَنْكِرِي عذيري * سَيْرِ وإشْفَاقِي على بَعِيرِي

وكَثْرَة الحديثِ عَنْ شُقُوري*

وقَال الأزهري‏:‏ مَنْ رَوى بفتح الشين فهو في مذهب النعت، والشُّقُور‏:‏ الأمور المهمة، والواحد شَقْر، ويقَال أيضاً شُقُور وفُقور، وواحد الفقور فقر، وقَال ثعلب‏:‏ يُقَال لأمور الناس فقور وفقور، وهما هَمُّ النفس وحوائجُها‏.‏ ‏[‏ص 72‏]‏

يضرب لمن يُفْضى إليه بما يُكْتَم عن غيره من السر‏.‏

2738- فِي أُسْتِها مَالا تَرَى

يضرب للباذل الهيئة يكون مخْبَرَهُ أكثر من مَرْآه، ويضرب لمن خفى عليه شَيء وهو يظنُ أنه عالم به

2739- اُفْتَحْ صُرَرَكَ تَعْلَمْ عُجَرَك

الصُرَرْ‏:‏ جمع صرَّة، وهي خِرْقَة تُجْعل فيها الدراهم وغيرُها، ثم تُصَرُّ‏:‏ أي تشدُّ وتَقْطعُ جوانبها لِتُؤمن الخيانة فيها، والعُجَرْ‏:‏ جمع عُجْرة، وهي العَيْب وأصلها العُقْدة والأُبنة تكون في العصا وغيرها، يراد ارْجِعْ إلى نَفْسِه تَعْرفْ خَيْركَ من شركَ‏.‏

2740- الفَحْلُ يَحْمِي شَوْلَهُ مَعْقُولاً

الشُّولُ‏:‏ النُّوقَ التي خفَّ لبنها وارتفع ضَرْعها وأتى عليها من نَتَاجها سبعة أشهر أوثمانية، الواحدة شائلة، والشول‏:‏ جمع على غير قياس، يُقَال‏:‏ شَوَّلَت الناقة - بالتشديد - أي صارت شولاء، ونصب‏"‏معقولاً‏"‏ على الحال‏:‏ أي أن الحر يحتمل الأمر الجليل في حفظ حُرَمَه وإن كانت به علَّة

2741- فَلِمَ رَبَضَ العَيْرُ إذَنْ

قَال امرؤ القيس لما ألبسه قيصرُ الثيابَ المسمومة وخرج من عنده وتلقَّاء عَيْر فَرَبَضَ فَتَفَاءل امرؤ القيس فقيل‏:‏ لا بأس عليك قَال‏:‏ فلما رَبَضَ العَيرُ إذن‏؟‏ أي أنا ميت‏.‏

يضرب للشَيء فيه عَلامَةَ تدل على غير ما يُقَال لكَ‏.‏

2742- فِي بَيتِهِ يُؤتَى الحَكَمُ

هذا مما زعمت العرب عن ألسُنِ البهائم قَالوا‏:‏ إن الأرنب التقطتْ ثمرةً، فاختلسها الثعلب فأكلها، فانطلقا يختصمان إلى الضب فَقَالت الأرنب‏:‏ يا أبا الحِسْل فَقَال‏:‏ سميعاً دَعَوْتِ، قَالت‏:‏ أتيناك لنختصم إليك، قَال‏:‏ عادِلاً حَكَّمْتُما، قَالت‏:‏ فاخرج إلينا، قَال‏:‏ في بيته يُؤتى الحكم، قَالت‏:‏ إني وجدت ثمرة، قَال‏:‏ حُلْوَة فكُلِيها، قَالت‏:‏ فاخْتَلَسَها الثعلب، قَال‏:‏ لنقسه بغَى الخَيْرَ، قَالت‏:‏ فَلَطَمْتُه، قَال‏:‏ بحقِّكِ أخَذْتِ، قَالت‏:‏ فَلَطَمَنِي، قَال‏:‏ حُرٌّ انتصر، قَالت‏:‏ فاقْضِ بيننا، قَال‏:‏ قد قَضَيْتُ، فذهبت أقواله كلها أمثالاً قلت‏:‏ ومما يشبه هذا ما حكى أن خالد بن الوليد لما توجَّه من الحجاز إلى أطراف العراقَ دخل عليه عبد المسيح بن عمرو بن نُفَيلَة، فَقَال له خالد‏:‏ أين أقصى أثَرِكَ‏؟‏ قَال‏:‏ ظَهْرُ أبي، قَال‏:‏ من أين خرجت، قَالَ‏:‏ من بطن أمي، قَال عَلاَمَ أنت‏؟‏ ‏[‏ص 73‏]‏ قَال‏:‏ على الأرض، قَال‏:‏ فيمَ أنت‏؟‏ قَال‏:‏ في ثيابي، قَال‏:‏ فمن أينَ أقبَلْتَ‏؟‏ قَال‏:‏ من خَلْفي، قَال‏:‏ أين تريد‏؟‏ قَال‏:‏ أمامي، قَال‏:‏ ابنُ كمْ أنت‏؟‏ قَال‏:‏ ابن رَجُلٍ واحد، قَال‏:‏ أتعقل‏؟‏ قَال‏:‏ نعم وأقيَّدُ، قَال‏:‏ أحَرْبٌ أنت أم سَلْمِ‏؟‏ قَال‏:‏ سَلْم، قَال‏:‏ فما بال هذه الحصون‏؟‏ قَال‏:‏ بنيناها لسفيه حتى يجيء حليم فينهاه‏.‏ ومثل هذا أن عَدِيَّ بن أرْطَاةَ أتى إياسَ بن مُعاوية قاضيَ البصرة في مجلس حكمه، وعَدِيٌّ أمير البصرة، وكان أعرابيَّ الطبع، فَقَال لإياس‏:‏ ياهناه أين أنت‏؟‏ قَال‏:‏ بينك وبين الحائط، قَال‏:‏ فاسْمَع مني، قَال‏:‏ للاستماع جَلَسْتُ، قَال‏:‏ إني تزوجْتُ امرَأة، قَال‏:‏ بالرِّفَاء والبَنين، قَال‏:‏ وشَرَطْتُ لأهلها أن لا أخرجها من بينهم، قَال‏:‏ أوْفِ لهم بالشرط، قَال‏:‏ فأنا أريد الخروج، قَال‏:‏ في حفْظِ الله، قَال‏:‏ فاقضِ بيننا، قَال‏:‏ قد فعلْتُ، قَال‏:‏ فَعَلى مَنْ حكمت‏؟‏ قَال‏:‏ على ابن أخي عمك، قالَ بشهادة مَنْ‏؟‏ قَال‏:‏ بشهادة ابن أختِ خالتك‏.‏

2743- فيِ الاِعْتِبَارِ غِنَى عَنْ اُلاِخْتِبَارِ

أي مَنِ اعتَبَر بما رأي استغنى عن أن يختبر مثلَه فيما يستقبل‏.‏

2744- أََفْنَيْتِهِنَّ فاَقَة فَاقَةً، إِذَا أَنْتِ بَيْضَاءُ رَقْرَاقَةً

الكناية ترجع إلى الأموال، وفاقة‏:‏ طائفة، والرقراقة‏:‏ المرأة الناعمة التي تترقرق، أي تجىء وتذهب سِمَناً‏.‏

هذا شيخ يقول لامرأته‏:‏ أفنيت أموالي قطعةً قطعةً على شبابك‏.‏

يضرب للذي يُهْلك ماله شيئاً بعد شَيء

2745- فِي الجَرِيرَةِ تَشْتَرِكُ العَشِيرَةُ

يضرب في الحثِّ على المواساة

2746- فَرَّ الدَّهْرُ جَذَعَاً

يُقَال‏:‏ فَرَرْتُ عن أسنان الدابة، إذا نَظَرْتَ إليها لتعرفَ قدر سنها، والجَذَع‏:‏ قبل الثَّنِىِّ بستة أشهر، أي الدهر لا يهرم ونصب ‏"‏جَذَعاً‏"‏ على الحال، والمعنى إن فانتا اليومَ ما نطلبه فسندركه بعد هذا

2747- في مِثْلِ حُوِلاَءِ السَّلى

ويقَال ‏"‏حُوِلاء الناقة‏"‏ يُقَال فلان في مثل حُوِلاء الناقة، وهي الماء الذي يخرج على رأس الولد، والسَّلى‏:‏ جلدةٌ رقيقة يكون فيها الولد‏.‏

يضرب لمن كان في خِصْبً ورَغَد عيشٍ وكذلك قُولهم ‏"‏في مثل حدقة البعير‏"‏ ‏[‏ص 74‏]‏

2748- فَسَا بَيْنَهُمُ الظَّرِبانُ

هو دُوَيّيةٌ فوقَ جَرو الكلب مُنْتن الريح كثير الفَسْو لا يعمل السيف في جلده، يجئ إلى حجر الضب، فيلقم إستَه جُحره ثُم يَفْسو عليه حتى يغتم ويضطرب فيخرج فيأكله ويُسَمّونه ‏"‏مُفَرقَ النعم‏"‏ لأنه إذا فسا بينها وهي مجتمعة تفرقت، وقَال الراجز يذكر حوضاً يستقي منه رجل له صُنان

إزاؤه كالظِّرِ بَان الموفى*

إزاؤه‏:‏ أي صاحبه، من قولهم فلان إزاء مالٍ، يريد أنه إذا عَرِقَ فكأنه ظربان لنتنه، وقَال الربيع بن أبي الحُقَيقِ‏:‏

وأنتُمْ ظَرَابِينُ إذ تَجْلسُونَ * وَمَا إنْ لَنا فِيكُمُ مِنْ نَدِيدِ

وأنتُمْ تُيُوسٌ وقد تُعرَفُونَ * بِرِيحِ التيوسِ وَنَتْنِ الجُلُودِ

2749- في القَمَرِ ضِياءٌ، والشَّمْسُ أضْوَأ مِنْهُ

يضرب في تفضيل الشَيء على مثله‏.‏

2750- أفِقَ قَبْلَ أن يُحْفَرَ ثَرَاكَ

قَال أبو سعيد‏:‏ أي قبل أن تُثار مَخَازيك، أي دَعها مدفونة، قَال الباهلي‏:‏ وهذا كما قَال أبو طالب‏:‏

أفيقُوا أفيقُوا قَبْلَ أن يُحْفَرَ الثّرى * وَيُصْبحَ مَنْ لم يَجْنِ ذَنْباً كَذِى الذَّئبِ

2751- في عضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكِيرُهَا

يُقَال‏:‏ شَكَرَتِ الشجرةُ تشكر شَكْراً أي خرج منها الشَّكِير، وهو ما ينت حَوْلَ الشجرة من أصولها‏.‏

يضرب في تشبه الولد بأبيه‏.‏

2752- في كلِّ شَجَرٍ نَارٌ، وَاسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفَارُ

يُقَال‏:‏ مَجَدَت الإبل تمجد مَجَوداً، إذا نالت من الخَلَى قريباً من الشَّبَع، واستمجد المرخ والعَفَار‏:‏ أي استكثرا وأخَذَا من النار ما هو حَسْبهما، شبها بمن يكثر العطاء طالباً للمَجْد؛ لأنهما يسرعان الوَرْىَ‏.‏ يضرب في تفضيل بعض الشيء على بعض‏.‏

قَال أبو زياد‏:‏ ليس في الشجر كله أوْرَى زناداً من المَرْخ، قَال‏:‏ وربما كان المرخُ مجتمعاً ملتفاً وهبَّتِ الريحُ فحَكَّ بعضه بعضاً فأوْرَى فاحترقَ الوادِي كله، ولم نر ذلك في سائر الشجر، قَال الأعشى‏:‏

زِنَادُكَ خَيْرُ زِنَادِ المُلُو * كِ خَالَطَ فيهنَّ مَرْخٌ عَفَارَا

وَلَوْ بتَّ تَقْدَحُ فِي ظلمةٍ * حصاة بِنَبْع لأَوْرَيْتَ نَارَا ‏[‏ص 75‏]‏

والزَّنْدُ الأعلى يكون من العَفَار، والأسفل من المَرْخِ، كما قَال الكميت‏:‏

إذَا الْمَرْخُ لم يُورِ تَحْتَ الْعَفَارِ * وَضَنَّ بقدْرٍ فلم تعقب

2753- في نَظْمِ سَيْفِكَ ما تَرَى يَا لُقَيْمُ

حديثه أن لقمان بن عاد كان إذا اشتدَّ الشتاء وكَلِبَ كان أشدَّ ما يكون، وله راحلة لا تَرْغُو ولا يُسْمع لها صوت، فيشدُّها برَحْله ثم يقول للناس حين يكاد البردُ يقتلُهم‏:‏ ألا من كان غازياً فَلْيَغْزُ، فلا يلحقَ به أحد، فلما شبَّ لقيم ابنُ أختِهِ اتَّخذ راحلة مثل راحلته، فلما نادى لقمان ‏"‏ألا من كان غازياً فليغز‏"‏ قَال له لقيم‏:‏ أنا معك إذا شِئت، ثم إنهما سارا، فأغارا، فأصابا إبلا، ثم انصرفا نحو أهلهما، فنزلا فنحرا ناقةً فَقَال لقمان للقيمٌ‏:‏

أتعشِّى أم أعشِّي لك‏؟‏ قَال لقيم‏:‏ أي ذلك شِئت، قَال لقمان‏:‏ اذهب فَعَشِّها حتى ترى النجم قمَّ رأسٍ، وحتى ترى الجوزاء كأنها قطار، وحتى ترى الشِّعْرَى كأنها نار، فإلا تكن عَشِّيت فقد أنَيْت، قَال له لقيم‏:‏ نعم واطْبُخْ أنت لحم جَزُورك حتى ترى الكَرَاديسَ كأنها رؤوسُ رجال صُلْع، وحتى ترى الضُّلُوع كأنها نساء حَوَاسر، وحتى ترى الوَذْرَ كأنه قَطاً نَوَافر، وحتى ترى اللحم كأنه غَطَفان يقول غط غط، فإلا تكن أنْضَجْتَ فقد أنْهَيْتَ، ثم انطلقَ في إبله يُعَشيها، ومكث لقمان يطبخ لحمه، فلما أظلم لقمان وهو بمكان يُقَال له شَرْجٌ قَطَع سَمُرَ شَرْج فأوقد به النار حتى أنضج لحمه، ثم حفر دونه فملأه ناراً، ثم واراها، فلما أقبل لقيم عَرَفَ المكان وأنكر ذهاب السَّمُرِ فَقَال‏:‏ أَشْبَهَ شَرْجٌ شَرْجاً لو أنَّ أُسَيْمِراً، فأرسلها مَثَلاً، وقد ذكرتُه في حرف الشين، ووقَعَتْ ناقة من إبله في تلك النار فنفرت، وعرف لُقَيْم أنه إنما صنع لقمان ذلك ليصيبه وأنه حَسَده، فسكتَ عنه، ووجد لقمان قد نَظَم في سيفه لحماً من لحم الْجَزُورِ وكَبِداً وسَنَاما حتى توارى سيفهُ، وهو يريد إذا ذهب لقيمٌ ليأخذه أن ينحره بالسيف، فَفَطِنَ لقيم فَقَال‏:‏ في نظْم سيفك ما ترى يا لقيم، فأرسلها مَثَلاً، فحسد لقمان الصحبة، فَقَال له لقيم‏:‏ القسمة، فَقَال له لقمان‏:‏ ما تطيبُ نفسي أن تقسم هذه الإبلَ إلا وأنا مُوثَقُ، فأوثقه لقيم، فلما قَسَمها لقيم نَقَّي منها عشراً أو نحوها، فَجَشِعَتْ نفسُ لقمان، فنَحَطَ نَحْطة ‏(‏نحط نحطة‏:‏ زفر زفرة، وتقضبت‏:‏ تقطعت‏)‏ تقضَّبت منها الأنْسَاع التي ‏[‏ص 76‏]‏ هو بها مُوثَق، ثم قَال‏:‏ الغادرة والمتغادرة، والأفِيلُ النادرة، فذهب قوله هذا مَثَلاً، وقَال لقيم‏:‏ قبح الله النفس الخبيثة‏.‏ قوله ‏"‏الغادرة‏"‏ من قولهم‏:‏ غَدَرَت الناقة، إذا تخلَّفت عن الإبل، والأفِيلُ‏:‏ الصغير منها، يريد اقسم جميع ما فيها‏.‏ والمثل الأول يضرب في المماكرة والخداع والثاني في الخسة والاستقصاء في المعاملة‏.‏

2754- فَاقَ السَّهْمُ بَيْنِي وبَيْنَهُ

يُقَال‏:‏ فَاقَ السَّهْمُ وَ انْفَاقَ، إذا انكسر فُوقُه، أي فسد الأمر بيني وبينه

2755- الْفِرَارُ بِقِرَابٍ أََكْيَسُ

كان المفضل يقول‏:‏ إن المثل لجابر بن عمرو المازني، وذلك أنه كان يسير يوماً في طريقَ إذ رأى أَثرَ رجلين، وكان عائفاً قائماً، فَقَال‏:‏ أرى أَثرَ رجلين، شديداً كلَبُهما عزيزاً سَلَبُهما، والفرار بقراب أكيس، ثم مضى‏.‏

قلت‏:‏ أراد ذو الفرار، أي الذي يفرُّ ومعه قِرَابُ سيفه إذا فاته السيف أكْيَسُ ممن يُفيت القِراب أيضاً، قَال الشاعر‏:‏

أقاتلُ حتى لا أَرَى لي مُقَاَتِلاً * وَأَنْجُو إذ لم يَنْجُ إلاَّ المُكَيَّسُ

2756- فِى ذَنَبِ الكَلْبِ تَطْلُبُ الإِهَالَةَ

يضرب لمن يطلب المعروف عند اللئيم، قَال‏:‏

إنى وإنَّ ابْنَ علاقَ ليقريني * كَعَابِطِ الْكلْب يَرْجُو الطِّرْقَ فِي الذَّنَبِ

2757- افْعَلْ ذلكَ آثِراً مَّا

قَالوا‏:‏ معناه افْعَلْه أولَ كل شيء، أي افْعَلْه مؤثِراً له، وقَال الأَصمَعي‏:‏ معناه افعل ذلك عازماً عليه، و‏"‏ما ‏"‏ تأكيد، ويقَال أيضاً‏:‏ افْعَلْه آثرَ ذِى أَثيرٍ، أي أولَ كل شيء، قَال عُرْوَة بن الوَرْدِ‏:‏

وَقَالوا‏:‏ مَا تَشَاءُ‏؟‏ فَقُلْتُ‏:‏ أَلْهُو * إلَى الإِصْبَاحِ آثَرَ ذِى أثِيرِ

أرادا‏:‏ فقلت أنْ ألْهُوَ، أي الهوَ إلى الصبح آثَرَ كل شَيء يؤثَرُ فعلُه‏.‏

2758- فَرَقاً أَنْفَعُ مِنْ حُبٍّ

أولُ من قَال ذلك الحجاجُ للغَضْبَان بن الْقَبَعْثَرَى الشَّيْبَاني، وكان لما خلع عبدُ الله بنُ الجارُودِ وأهلُ البصرة الحجاجَ وانتهبوه قَال‏:‏ يا أهل العراقَ تَعَشَّوُا الْجَدْيَ قبل أن يتغداكم، فلما قَتَلَ الحجاجُ ابنَ الجارود أخذ الغَضْبَان وجماعةً من نُظَرائه فحبسهم، وكتب إلى عبد الملك بن مروان بقتل ابن الجارود، ‏[‏ص 77‏]‏ وخَبَرِهم، فأرسل عبدُ الملك عبدَ الرحمن بن مسعود الفَزَارِيَّ، وأمره بأن يؤمِّنَ كلَّ خائف، وأن يخرج المحبوسين، فأرسل الحجاج إلى الغَضْبَان، فلما دخل عليه قَال له الحجاج‏:‏ إنك لَسَمين، قَال الغضبان‏:‏ مَنْ يَكُنْ ضيفَ الأمير يَسْمَنْ، فَقَال‏:‏ أأنْتَ قلت لأهل العراقَ تَعَشَّوُا الجدْىَ قبل أن يتغداكم‏؟‏ قَال‏:‏ ما نفَعَتْ قائلَها ولا ضَرّتْ من قِيلَتْ فيه، فَقَال الحجاج‏:‏ أوْفَرَقاً خيرٌ من حُبٍّ، فأرسلها مَثَلاً‏.‏

يضرب في موضع قولهم ‏"‏رَهَبُوتٌ خير من رَحَمُوت‏"‏ أي لأن يُفْرَقَ منك فرقاً خيرٌ من أن تُحُبَّ